responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 655
وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ التَّرْهِيبِ مِنْ مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ] [ذم الْحَسَد وذكر مساوئه]
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ، وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ) إيَّاكُمْ ضَمِيرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّحْذِيرِ، وَالْمُحَذَّرُ مِنْهُ الْحَسَدُ. وَفِي الْحَسَدِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ كَثِيرَةٌ. وَيُقَالُ: كَانَ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ الْحَسَدُ، فَإِنَّهُ أَمَرَ إبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَحَسَدَهُ فَامْتَنَعَ عَنْهُ فَعَصَى اللَّهَ فَطَرَدَهُ وَتَوَلَّدَ مِنْ طَرْدِهِ كُلُّ بَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ عَلَيْهِ وَعَلَى الْعِبَادِ.
وَالْحَسَدُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى نِعْمَةٍ، فَإِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى أَخِيك نِعْمَةً فَلَكَ فِيهَا حَالَتَانِ، إحْدَاهُمَا أَنْ تَكْرَهَ تِلْكَ النِّعْمَةَ وَتُحِبَّ زَوَالَهَا وَهَذِهِ الْحَالَةُ تُسَمَّى حَسَدًا، الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا تُحِبَّ زَوَالَهَا وَلَا تَكْرَهَ وُجُودَهَا وَدَوَامَهَا لَهُ وَلَكِنَّك تُرِيدُ لِنَفْسِك مِثْلَهَا فَهَذَا يُسَمَّى غِبْطَةً، فَالْأَوَّلُ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا نِعْمَةً عَلَى كَافِرٍ أَوْ فَاجِرٍ، وَهُوَ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى تَهْيِيجِ الْفِتْنَةِ وَإِفْسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيذَاءِ الْعِبَادِ، فَهَذِهِ لَا يَضُرُّك كَرَاهَتُك لَهَا وَلَا مَحَبَّتُك زَوَالَهَا، فَإِنَّك لَمْ تُحِبَّ زَوَالَهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ نِعْمَةٌ بَلْ مِنْ حَيْثُ هِيَ آلَةٌ لِلْفَسَادِ. وَوَجْهُ تَحْرِيمِ الْحَسَدِ مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ تَسَخُّطٌ لِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ عِبَادِهِ عَلَى بَعْضٍ؛ وَلِذَا قِيلَ:
أَلَا قُلْ لِمَنْ كَانَ لِي حَاسِدًا ... أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْت الْأَدَبْ
أَسَأْت عَلَى اللَّهِ فِي فِعْلِهِ ... لِأَنَّك لَمْ تَرْضَ لِي مَا وَهَبْ
، ثُمَّ الْحَاسِدُ إنْ وَقَعَ لَهُ الْخَاطِرُ بِالْحَسَدِ فَدَفَعَهُ وَجَاهَدَ نَفْسَهُ فِي دَفْعِهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بَلْ لَعَلَّهُ مَأْجُورٌ فِي مُدَافَعَةِ نَفْسِهِ. فَإِنْ سَعَى فِي زَوَالِ نِعْمَةٍ لِمَحْسُودٍ فَهُوَ بَاغٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْعَ وَلَمْ يُظْهِرْهُ لِمَانِعِ الْعَجْزِ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَمْكَنَهُ لَفَعَلَ فَهُوَ مَأْزُورٌ وَإِلَّا فَلَا. أَيْ لَا وِزْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ الْخَوَاطِرِ النَّفْسَانِيَّةِ فَيَكْفِيه فِي مُجَاهِدَتِهَا أَنْ لَا يَعْمَلَ بِهَا وَلَا يَعْزِمُ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا. وَفِي الْإِحْيَاءِ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَلْقَى الْأَمْرَ إلَيْهِ وَرَدَّ إلَى اخْتِيَارِهِ لَسَعَى فِي إزَالَةِ النِّعْمَةِ فَهُوَ حَسُودٌ حَسَدًا مَذْمُومًا، وَإِنْ كَانَ نَزْعُهُ التَّقَوِّي عَلَى إزَالَةِ ذَلِكَ فَيُعْفَى عَنْهُ مَا يَجِدُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ ارْتِيَاحِهِ إلَى زَوَالِ النِّعْمَةِ مِنْ مَحْسُودِهِ مَهْمَا كَانَ كَارِهًا لِذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَقْلِهِ وَدِينِهِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ يُشِيرُ إلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَرْفُوعًا «ثَلَاثٌ لَا يَسْلَمُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ الطِّيَرَةُ وَالظَّنُّ، وَالْحَسَدُ قِيلَ: فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إذَا تَطَيَّرْت فَلَا تَرْجِعْ وَإِذَا ظَنَنْت فَلَا تُحَقِّقْ، وَإِذَا حَسَدْت فَلَا تَبْغِ» وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ «كُلُّ ابْنِ آدَمَ حَسُودٌ وَلَا يَضُرُّ حَاسِدًا حَسَدُهُ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِاللِّسَانِ أَوْ يَعْمَلْ بِالْيَدِ» ، وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثُ لَا تَخْلُو عَنْ مُقَابِلٍ. وَفِي الزَّوَاجِرِ لِابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ إنَّ الْحَسَدَ مَرَاتِبُ وَهِيَ إمَّا

نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 655
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست